غذاء الروح بالقيم الدينية
غذاء الروح بلا شك أمر مهم لتنمية العقل والقلب معا ، وللاسف الشديد معظمنا يهتم بطعامه ويتفنن فى جميع انواع المأكل والمشرب للحفاظ على أعضاء بدنه صحيحاً معافاً، ولكنه لايدرى ان الصحة والمعافاة الحقيقة مع صحة البدن وبالتوازي معها ، ويمكن أهمها من الناحية النفسية والعقلية، وهى غذاء الروح المتمثل فى علاقة البشر برب العالمين خالقه ومعينه ومدبره ، ليجعله يعيش سعيداً مستقراً نفسياً وهذه هى السعادة الحقيقية الامنه.
غرب ثري بلا سعادة الاسلام
فَلَو نظرنا الى العالم الغربى المتقدم، بالرغم من الحضارة والتقدم والرقى الذى يعيشه فترى البشرية هناك غير سعيدة ، ولا مطمئنة سبحان الله بالرغم من العيش فى مستوى من الغنى والمال والثراء والرقى ، ولكن تجد الإحصائيات تشير الى نسب عالية من الانتحار والاكتئاب، لانهم بعيدين كل البعد عن تواصلهم مع خالقهم دينيا الا من رحم ربى، لان معظمهم لا يدين بدين الاسلام من ناحية، ومفهوم الحرية المنفتح الخاطئ من ناحية اخرى، فعندهم كما نعلم حرية فى كل شيء سواء اختلاط وعلاقات دون زواج وشرب المنكرات وهكذا .
مسلمي الهوية
وايضاً للأسف بعالمنا العربى المسلم نحن معظمنا مسلمين فقط بالهوية، فمثلاً على سبيل المثال كثير من الشباب لا يصلى الفروض التى فرضها علينا اسلامنا، ومنهم من يصلى وكأنه لم يصلى، ينقر صلاته نقراً كى ينتهى منها، وبعضهم يدخل المسجد يقضى الفريضة ويجرى خارج المسجد وكأنه كان يجلس على قطعة من الجمر والعياذ بالله ، ومن يصلى اثناء شهر رمضان فقط وكان رب رمضان ليس رب باقى شهور السنه ، فكلنا نرى ونشاهد المساجد مملوءة بالشهر الكريم، وباقى الشهور وخصوصاً صلاة الفجر والعشاء صفين ثلاثة بالكثير، بل ليس ذلك فحسب تجد معظمنا لا يمسك كتاب الله ويتدارسه ويتلوا اياته الا من رحم ربى، ويهجر المصحف الشريف طوال السنة ولا يمسه إطلاقاً والله المستعان .
دور التكنولوجية الحديثة في وصول المعلومة الدينية
نحن لدينا كنز بين أيدينا لا نعرف قيمته الا بعد فوات الاوان للاسف الشديد، قرب بلوغ الأجل والتقدم بالعمر ونندم شديد الندم على ما فاتنا، من أيام وشهور وسنوات وجرى بنا شباب العمر دون ان نستفيد من هذا الكنز الذى بين أيدينا، فضلاً عن التكنولوجيا المتقدمة التى نعيشها هذه الأيام وهذه الحقبة من الزمن، أليس فى زمننا هذا بضربة ذَر كما يقولون نحصل على كافة المعلومات ؟؟ أليس بضربة ذَر وبرابط بسيط يكون لدينا تفسير كامل لكتاب الله العظيم بل وسماع عدة قراء لآياته ؟؟
فضلاً عن رابط بسيط يبين لنا الأحاديث الصحيحة وشرحها بكل سهولة ويسر ؟؟ نحن نعيش فى عصر مزدهر يضع لنا كتاب الله وسنة رسوله صَل الله عليه وسلم وتعاليم الدين الحنيف على طبق من فضة ان لم يكن من ذهب، فعلينا ان نحمد الله ونشكره ان سخر لنا هذه التكنولوجيا وهذا العلم الحديث، وجعل كل شيء فى متناول اليد وبكل بساطة، اذا أردت ان تتفقه فى دينك وتتعرف على كلام خالقك وتفسير كتابه المنزل لنا، لنتعرف على هذه الدنيا وحقيقة الخلق والحكمة من العيش بها وفيها ، من اجل عبادة الخالق حق عبادة والتفكر فى هذا الكون البديع.
لان العبادة ليست صوم وصلاة وزكاة وفرائض وفقط ، ولكن كى نتعلم سر هذه الدنيا وهذا الخلق البديع ، والحكمة من خلقه وان الهدف من العيش بهذه الحياة كى نحب بعضنا بعضا ، ونتعامل بأخلاق القراءن مع بعضنا البعض، وننشر السلام مع أنفسنا وضمائرنا اولا، ثم مع اهلنا وجيراننا ثانياً، وينتشر السلام والمحبة بالتالى بين مجتمعنا ثم بين جميع ارجاء الارض، هذا ما يأمرنا به هذا الدين الإسلامى الحنيف ، يحثنا على التعامل بالاخلاق الفاضلة مع جميع البشر.
والتعايش السلمي معهم جميعاً دون تفرقة بين جنس او لون او دين ،طالما هذا الاخر لا يعتدى علينا ولا يحاربنا ولا يغتصب ارضنا ونساءنا، فعلينا التعايش معه من باب الانسانية، ودعوته الى الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ،وعليه الاختيار بحرية، فلكم دينكم ولنا دين وبالتاكيد طالما يجد اخلاق إسلامية فى المعاملة اى معاملة حسنة راقية كما امرنا الله ورسوله، سوف يدخل الاسلام طواعية دون اكراه ونعيش جميعاً فى مودة وحب ورحمة وسلام.
الدين فعل وليس قول
هذا هو ديننا وهذه المفروض ان تكون عليه اخلاقنا، نحن المسلمين امة محمد صَل الله عليه وسلم، التى قيل عنها خير امة اخرجت للناس، ولكن لابد ان لا تكون شعاراً نتغنى به دون عمل ،علينا ان نعمل بجد واخلاص فى تعلم ديننا الإسلامى على اكمل وجه نصلى بخشوع واطمئنان ونعلم اننا بين يدى خالقنا، ونحافظ على الصلوات بأوقاتها مع الجماعة ، وعلى نساءنا الالتزام بالزى الإسلامى المشروع وليس الزى والحجاب الامريكانى، فترى البنت والسيدة ترتدى غطاء للرأس فقط وباقى بدنها اما بنطلون محذق يصف جسمها او ملابس ضيقة واصفة وكاشفة لجسدها، وكأن الحجاب هو غطاء للشعر فقط وباقى الجسم لا يهم.
مما جعل انتشار التحرش والاجرام ينتشر بمجتمعاتنا،وهذه التصرفات تكون السبب الرئيسى لها ،بعدما انهارت الأخلاق والقيم لابتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف، فعلينا احبائي فى الله العودة الى كتاب الله ، العودة الى سنة نبينا الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم ، علينا العودة الى غذاء الروح كى نعيش بحق سعداء مستقرين مطمئنين عابدين ذاكرين متفكرين فى خلق رب العالمين ، لانه والله سوف يحاسبنا الله جل فى علاه على هذه النعم من التقدم والتكنولوجيا التى نعيشها الان، ولم نستغلها حق استغلال فى التعرف والتفقه فى هذا الدين.
فمن قبلنا كانوا ليسوا عندهم ١٪ مما نحن فيه الان ، ولكن كانوا يعيشون باخلاق عالية ودين مستقيم بل وقدموا لنا ثروة كبيرة وكنوز من المراجع والكتب التى نلتهم منها حتى الان من علم وثقافة وتفقه ، فكان ليس لديهم اى نوع من انواع هذا التقدم التى نحن فيه ، بل وقتها لا يوجد تلفاز ولا نت ولا حتى كهرباء ، وبالرغم من كل هذه المعاناة قدموا لنا بحور من العلم والفقه والتفاسير ما ليس له حدود.
أهمية البيئة المناسبة من أجل بيئة دينية صحيحة
ونحن للاسف الشديد بالرغم من كل هذا التطور العلمى والتكنولوجي، لم نقدم سوى الأفلام الهابطة، وانعدام الأخلاق من برامج ومسلسلات تهدم ولاتبنى ، تروج للعنف والانحلال للشباب، مما أدى بنا الى ما نحن فيه الان من تخلف وتراجع اخلاقى ليس له مثيل، فلن تزدهر هذه الأمة ولن تتقدم وتسترجع حضارتها مرة اخرى وتعود كما أراد لها الخالق خير امة اخرجت للناس، الا بالعودة لغذاء الروح الذى سوف يوصلنا ان شاء الله الى مصاف الامم
بل وزعامة العالم اجمع وقيادته الى العيش بحب وسلام، أتمنى من الله ان تصل كلمات مقالى هذا الى قلوبكم ،لانه حديث من القلب الى القلب طالباً من الله عز وجل ان تدخل قلوبكم قبل عقولكم، ونعمل بها سويا ومعاً من اجل التعايش السلمى بمودة وحب ورحمة وسلام، ونعبده سبحانه حق عبادته كى نلتقى جميعاً باذنه ورحمته بجناته جنات النعيم … اًمين .
د. عبد الحكيم المغربى
التعليقات