ترجع المقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر من حيث التشابه الشديد في شخصية كلا منهما من حيث القوة والصلابة والعديد من الظروف، والثبات الانفعالي في المواقف العصيبة للدولة والتي يهتز أمامها أشجع الملوك والفرسان، وكما أن لكل قاعدة استثناء فإن السلطانة قسم والملكة شجرة الدر كانتا هما الاستثناء لهذه القاعدة، فتحملا ما تعجز الرجال عن حمله وأدارتا الدولة بعقلية سياسية محنكة ودهاء لا مثيل لها.

مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر :

لاشك أن عقد مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر له عدة أوجه من الاختلاف والاتفاق، وإن كانت قسم قد تفوقت على شجرة الدر في طول فترة حكمها فقد حكمت الدولة العثمانية ما يقرب من 37 عاما، ومر عليها أكثر من سلطان عثماني بداية بالسلطان أحمد الأول زوجها وحتى حفيدها السلطان محمد الرابع وهي فترة طويلة أكسبتها الكثير من الخبرات السياسية فكانت من أشهر سلطانات الدولة العثمانية شهرة ونفوذا بعد السلطانة هويام زوجة السلطان سليمان القانوني، أما شجرة الدر فقد حكمت مصر خلفا لزوجها نجم الدين أيوب لمدة 80 يوما فقط في ظروف سياسية معقدة بشكل مؤقت ولم تستمر في الحكم طويلا، ولكنها استمرت بالمشاركة في صنع العديد من القرارات السياسية للدولة حتى بعد زواجها من الأمير المملوكي عز الدين أيبك.

أولا : السلطانة قُسم Kosem Sultan :

هي (ناسيا) ابنة أحد كهنة اليونان ولدت بمدينة تينوس في عام 1590م، تم شرائها من خلال سيد أسياد البوسنة وهي في عمر الرابعة عشر، ولفتت النظر لذكائها الشديد وجمالها الأخاذ فتم ارسالها إلى إسطنبول إلى قصر(توب كابي) وهو مقر حكم الدولة العثمانية، وأطلق عليها اسم (أنستازيا)، وتلقت التدريبات الخاصة لتصبح خاصة بالسلطان أحمد الأول وضمن الجواري المفضلات له، واستطاعت في وقت قصير أن تملك قلب وعين السلطان وهي ذات الخامسة عشر ربيعا، ، ثم دخلت إلى الإسلام وسميت ب (ماه بيكر) لشدة جمالها وضياء وجهها، وهو يعني وجه القمر باللغة التركية.

بالرغم من معارضة السلطانة (هاندان) والدة السلطان أحمد للزواج من ماه بيكر، ورفض جدته السلطانة (صفية) السلطانة الأولى والمتحكمة بكافة الأمور بالحرملك لها، إلا أنه ضرب بكافة قواعد وأصول الحرملك عرض الحائط وتزوجها ملبيا نداء قلبه وعقله لتصبح بذلك السلطانة ماه بيكر Mahpeyker Sultan وزوجة السلطان العثماني الرابع عشر، و الذي أقلدها بعد الزواج لقب (هاسكي) ويعني (خاصة السلطان) لتكون بهذا أول سلطانة تتقلد هذا اللقب في سن مبكرة دون عن بقية السلطانات، ثم غير السلطان اسمها بعد ذلك إلى (قُسِم) وهو يعني( السلطانة القائدة).

ثانيا: الملكة شجرة الدر:

هي (شجر الدر) التي عرفت بين المصريين بشجرة الدر ولقبت بعصمة الدين أم خليل، اختلف المؤرخون في ذكر أصولها فقيل أنها من أصل تركي أو أرمني، وذكرت بعض المصادر أنها ذات أصل خوارزمي، تلك الجارية التي اشتراها نجم الدين أيوب قبل أن يصبح ملكا على مصر، وصارت ديانتها الإسلام وكانت تحظى عنده بمكانة لا مثيل لها وجمع الحب بينهما ورافقته طيلة فترة نفيه في الكرك سنة 1239م خلال حربه ضد ابن عمه الملك الناصر داوود وصراعهم على السلطة والذي لم يلبث أن عفا عنه واتفقا على اقتسام السلطة بينهما، فيحكم الناصر الشام على أن يتفرد نجم الدين أيوب بحكم مصر الذي أعتق شجرة الدر وتزوجها وانجبت له ولده خليل الذي توفى صغيرا، ولقبت بعدها بأم خليل وكانت تنوب عن الملك الصالح على العرش أثناء غيابه، وتميزت بالذكاء الشديد وطول النظر، والحزم في اتخاذ القرارات السياسية في المواقف الصعبة.

مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر والتحول السياسي لكل منهما بعد وفاة الأزواج:

أولا : وفاة السلطان أحمد الأول :

لم تحاول قسم التدخل في شئون الحكم أو سياسة الدولة طوال فترة حكم زوجها والتي لم تدم طويلا في الفترة من( 1603م – 1617م) والذي توفى وهو في ريعان شبابه قبل أن يبلغ 30 عاما بمرض التيفويد لتجد قسم نفسها أرملة وحيدة وهي في الثامنة والعشرين من عمرها، وأم لعدة أولاد من الذكور والإناث وهم: (مراد الرابع- قاسم شاه زاده – إبراهيم الأول- السلطانة عاتكة –السلطانة فاطمة) وفقا للمراجع التاريخية التركية.

وكانت وفاته نقطة تحول في حياة السلطانة قسم السياسية والتي كانت تخشى من أن يتولى السلطنة الأمير “عثمان الثاني” ابن عدوتها السلطانة (خديجة ماه فيروز) الزوجة الأولى للسلطان أحمد، فأبرمت اتفاقا شفهيا بينها وبين كبار رجال الدولة على تولي الأمير “مصطفى” أخو السلطان أحمد العرش كنوع من كسب الوقت حتى تتمكن من حسم الصراع بين قادة الجيش الذين انقسموا حول أحقية العرش من بين أبناء السلطان أحمد، وساعدها في ذلك عدم اقتناع رجال الدولة به لضعف شخصيته وطيشه الشديد ولرغبته الشديدة في البقاء بعيدا عن العرش، وكان لها ما أرادت فأطلقت سيادتها على الحرملك كما كانت تدير جلسات الديوان التي تصدر منها أهم قرارات الدولة العثمانية، ولكنها لم تهنأ كثيرا بالمنصب الجديد طويلا.

فقد استصدر بعضا من كبار الدولة فتوى من المسئولين بعزله وتنصيب الأمير عثمان الثاني الابن الأكبر للسلطان أحمد مكانه، وتم ابعاد السلطانة قسم عن القصر طوال فترة حكم السلطان عثمان الثاني، ولكنها عادت مجددا بعد موته وتم عزل السلطان مصطفى للمرة الثانية ليعتلي ابنها مراد العرش وهو في الحادية عشر من عمره لتصبح السلطانة الأم ونائبة السلطنة.

ثانيا : وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب زوج شجرة الدر :

كما كانت وفاة السلطان أحمد نقطة تحول في حياة قسم كانت وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب نقطة تحول كبرى في حياة الملكة شجرة الدر وتغييرا لمجرى التاريخ، فقد وجدت نفسها بين عشية وضحاها أرملة حزينة وملكة وحيدة في موقف لا تحسد عليه، فالبلاد يحيط بها الخطر من كل جانب، فمن جهة ملك فرنسا لويس التاسع عشر الزاحف على مصر بجيوش الصلبيين واشتباكه مع الجيش المصري بالمنصورة، ومن جهة طمع الأيوبيين بالشام في ملك مصر، ولكن شجرة الدر تصرفت بحكمة وشجاعة لا تتسنى إلا لملكة عظيمة، فأخفت نبأ موت الملك عن الشعب والجيش، واستصدرت أمرا سلطانيا بتجديد البيعة للملك الصالح وتولي ابنه من بعده وأقسم عليها الأمراء والعساكر، وختمت البيعة بختم الملك الصالح وفي نفس الوقت وأرسلت قائد المماليك البحرية (فارس الدين أقطاي) في استدعاء ابن الملك الصالح (توران شاه) للإنابة عن والده في حكم مصر، ولا شك أن تلك الفترة كانت من أصعب الفترات في التاريخ المصري، ولكن شجرة الدر استطاعت حفر اسمها على جدران التاريخ المصري والإسلامي بحروف من ذهب وفازت بحب وتأييد الشعب المصري الذي اختارها بعد ذلك ملكة على عرشه.

مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر والمواقف التي غيرت مجرى التاريخ:

السلطانة قسم وانقاذها للسلالة العثمانية :

يرجع بعض المؤرخين الفضل للسلطانة قسم في انقاذ السلالة العثمانية من الانقراض لأن القانون كان يعطي الحق للسلطان في قتل أخوته إذا خشي على العرش منهم، وبالرغم من تعديل السلطان أحمد لهذا القانون ومخالفته له إلا أن مراد الرابع قام بتطبيق القانون القديم وأقدم على قتل أخوته (بايزيد وسليمان وقاسم)، وكاد أن يقتل أخيه إبراهيم خوفا على عرشه لولا تدخل أمه ومنعه من ذلك وخاصة أن مراد لم يعش له أولاد ذكور جزاء وفاقا له على قتل أخوته الأبرياء، وتوفى مراد في السابعة والعشرون من عمره في عام 1640م، ليتولى من بعده أخيه إبراهيم الأول وتستعيد السلطانة قسم سيطرتها على الحكم مرة أخرى.

الملكة شجرة الدر وانقاذها لمصر من خطر الصليبيين :

كانت جيوش الصليبيين بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع عشر قد جاءت لغزو مصر، فأرسل الملك الصالح نجم الدين خيرة الجنود من الفرسان والمماليك لوقف الزحف الصليبي على مصر، ولكن وافته المنية أثناء الاشتباك بين الفريقين بالمنصورة في نوفمبر 1249م، فأخفت شجرة الدر خبر موت السلطان عن الجميع لكي لا يفت ذلك في عضد الجند، ويثبط من روحهم المعنوية، وحتى لا يتسرب الخبر إلى العدو الفرنسي، كما خشيت من أطماع الأيوبيين على مُلك مصر، فربطت على قلبها الحزين وأذاعت أن الملك مريض بغرفته بالاتفاق مع قائد الجيش المصري (فخر الدين يوسف) ورئيس القصر (الطواشي جمال الدين محسن).

وكانت تُدخِل الطعام إلى غرفته حتى لا يشك في أمر موته أحد، ثم نقلت جثمانه بالسر في مركب ووضعته بقصر الروضة، وحتى بعد أن ذاعت أنباء عن وفاة الملك الصالح، اختل توازن الجيش المصري، ولكن شجرة الدر لم تستسلم بل قامت بنصب فخ محكم للصليبيين بمدينة المنصورة، بمساعدة الأمير ركن الدين بيبرس وباقي أمراء المماليك بمدينة المنصورة واستطاعت كسر شوكة الصليبين بمساعدة أهالي المنصورة الذين تحلوا بشجاعة وبسالة لا مثيل لها في الدفاع عن أرضهم حتى أنهم كانوا يضعون على رؤوسهم أطباقا من النحاس عوضا عن خوذات الجنود أثناء القتال، وقامت شجرة الدر بأسر الملك لويس التاسع عشر ملك فرنسا الذي أخلت سبيله فيما بعد نظير فدية مالية كبيرة قدرت بثمانمائة ألف دينار دفع نصفها عند رحيله، والنصف الآخر عند وصوله إلى عكا مع تعهده بعدم العودة مرة أخرى.

وبهذا كانت شجرة الدر من النساء القلائل الذين استطاعوا تغيير مجرى التاريخ المصري والإسلامي، وبايعها أمراء المماليك بعد قتل توران شاه ونُقش اسمها على السكة كالآتي: “المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين”.

مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر في عشقهم لكرسي الحكم :

أولا: السلطانة قسم وولعها بالعرش :

كانت قسم مولعة بالسلطة وعاشقة لها وسنحت لها هذه الفرصة بعد تولي ابنها السلطان مراد الرابع العرش، في بداية الأمر كان مراد صغيرا جدا على إدارة شئون الدولة فتفردت (قسم) نائبة السلطنة بحكم الدولة من الباطن وبمعاونة كبار رجال الدولة من الوزراء والباشوات، وبالرغم من حنكتها السياسية وذكائها الشديد في عقد الحيل والمؤتمرات إلا أن تلك الفترة قد اتسمت بالكثير من الفوضى والانقسامات للدولة وسقوط بغداد، وانتهت نيابتها للسلطنة بعد تسع سنوات بأمر من ابنها الذي استعاد مقاليد الأمور في الحكم، وواجه تمرد الانكشاريين وأخمد ثورتهم وأعدم كل من اشترك بها، واتخذ التدابير اللازمة نحو استقرار الدولة، وقاد الجيوش ضد الدولة الصفوية، وأعاد للشعب ذكريات سليمان القانوني.

السلطانة قسم الأم التي قتلت ابنها من أجل الحكم :

استعادت السلطانة قسم سيطرتها على الحكم مرة اخرى بعد تولي ابنها إبراهيم الأول العرش، فأطلقت أمه يدها في الدولة وسيطرت على حكم الدولة وإدارة شئونها، وذلك لأن إبراهيم كان يتمتع بضعف الشخصية ويعاني من اضطراب نفسي نتيجة مشاهد الدماء والعنف واعدام اخوته الكبار، ولكنه رفض تدخلها الشديد في أمور الدولة وهددها بالنفي وهذا ما أثار غضبها الشديد فانتهزت الفرصة في تمرد الانكشاريين عليه فقامت بخلعه ونصبت ابنه الأمير محمد ذو السبع سنوات خلفا له، ولم تكتف بذلك بل أدخلت عليه الجلادين ليعدموه بعد عشرة أيام من عزله في أغسطس 1648م.

الملكة شجرة الدر وحبها للعرش  :

كانت شجرة الدر في البداية غير مولعة بالعرش رغم اعتماد زوجها السلطان أيوب عليها في كثير من الأمور في إدارة شئون البلاد خلال سفره أو غيابه، فكانت تنوب عنه وكان يثق برأيها كثيرا ولكنها رغم ذلك أرسلت في استدعاء ابنه “توران شاه” ليتولى حكم مصر من بعده الذي تنكر لها ولأمراء المماليك الذين حافظوا له على ملكه وأساء معاملتهم حتى أنه فكر في التخلص منهم، ولكنهم كانوا الأسبق فقاموا بقتله وبايعوا شجرة الدر على العرش، وحكمت مصر بعدها 80 يوما ولكنها واجهت معارضة الأيوبيين وغضب الخلافة العباسية، ومعارضة علماء المسلمين وعلى رأسهم العز بن عبد السلام، فآثرت التنازل رسميا عن العرش للأمير “عز الدين أيبك” أتابك العسكر بعدما اختارته زوجا لها، وفرضت سيطرتها عليه كاملة في كل الأمور العامة والخاصة.

شجرة الدر والقتل من أجل الحكم  :

حينما نعقد مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر نجد أن كلتاهما اشتركتا في القتل من أجل كرسي العرش والحفاظ عليه، وإن كانت قسم قد تفوقت عليها في عدد القتلى وتوحشها للدرجة التي جعلتها تقتل ابنها لتنفرد بالحكم، أما شجرة الدر فقد اكتفت بمساعدة زوجها أيبك في التخلص من “فارس الدين أقطاي” الذي عارض تولي أيبك العرش لأنه كان يعتبره منافسه الأول وسبب العديد من الفوضى والمشاكل في البلاد، ثم التخلص من أيبك نفسه بعدما انقلب عليها وتخلص من منافسيه وقويت شوكته، ولقب نفسه بالملك المعز وعزم على الزواج من ابنة صاحب الموصل “بدر الدين لؤلؤ”، فأرسلت اليه خطابا لينا تطلب فيه عفوه ورضاه فاستجاب لها وسقط في الفخ وقامت بالتخلص منه في قلعة الجبل في عام 1257م.
مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر و نهاية كلا منهما:

نهاية السلطانة قسم خنقا :

لم تتوقف قسم عن حبك المؤامرات من أجل استمرار بقائها في الحكم، فعزمت على قتل حفيدها محمد الرابع هو وأمه السلطانة (خديجة تورهان) ثم استبداله بأخيه الأصغر (الأمير سليمان) حتى تخلو لها الساحة من منافسيها على العرش خاصة مع تزايد قوة ونفوذ السلطانة (خديجة تورهان) لكونها السلطانة الأم وتقلص نفوذ قسم، ولكن القدر لم يمهلها فلقد علمت السلطانة خديجة بنواياها وأمرت بقتلها بمعاونة رئيس الآغوات بالحرملك، الذي أدخل العبيد عليها في جناحها لينفذ فيها حكم الإعدام خنقا في 3 سبتمبر 1651م ليضع القدر كلمته الأخيرة وحكمه العادل في القصاص منها لما اقترفته يداها بعد ما أمضت قسم اكثر من ثلاثون عاما في حكم الدولة العثمانية، وتم دفنها بجوار زوجها السلطان أحمد.

نهاية الملكة شجر الدر ضربا بالقباقيب :

وكما انتهت حياة قسم بالقتل انتهت حياة الملكة شجرة الدر بالقتل أيضا، فبعدما قتلت أيبك أذاعت أنه توفى فجأة ليلا ولكن المماليك لم يصدقوها، واختلفت الروايات حول مكان قتلها فيقول البعض أنها حملت إلى زوجة أيبك الأولى التي أمرت الجواري بقتلها ضربا بالقباقيب على رأسها، والبعض يقول أنه زوجة أيبك هي من أدخلت عليها الجواري ليقتلوها بمخدعها، والقيت جثتها من فوق القلعة، وأمرت بصنع حلوى من الدقيق المخلوط بالسكر والمكسرات والتي عرفت فيما بعد بحلوى (أم علي) الشهيرة، احتفالا بقتل شجرة الدر في 3 مايو عام 1257م ، وتم تنصيب (علي) ابن عز الدين أيبك على العرش خلفا لأبيه.

وظلت جثة شجرة الدر ملقاة ليس عليها ما يسترها عدة أيام حتى قام الأهالي تغطيتها ودفنها بمنطقة الخليفة بالقاهرة.

مقارنة بين السلطانة قسم وشجرة الدر في الأعمال الخيرية :

بالرغم من شخصية قسم التي اتسمت بالشراسة في إزاحة منافسيها إلا أنها كانت تعنى باسترضاء الشعب بأي وسيلة وفي أي فرصة فتركت خلفها إرثا لا حصر له من الأعمال والأوقاف الخيرية، وقيل أنها كانت تدفع الديون عن الغارمين سنويا، وقامت بتجهيز العرائس من الفقراء، وذاع صيت أعمالها الخيرية في كل أنحاء الدولة حتى أنها اشتهرت بتحرير العبيد بعد مضي ثلاثة سنوات من خدمتهم لها.

الملكة شجرة الدر والأعمال الخيرية :

لم يثبت عن شجرة الدر قيامها بالأعمال الخيرية لكن سيرتها كانت ومازالت محببة إلى قلوب ووجدان المصريين، لأنها بمثابة الملكة الشجاعة التي حاربت وانتصرت وحمت البلاد من الغزو الصليبي، وظلمها العديد من المؤرخين ولكن أنصفها (ابن تغري بردي) هو وغيره من المؤرخين المعاصرين لدولة المماليك فقال عنها أنها كانت “خيرة دينة، رئيسة عظيمة في النفوس ولها مآثر ومواقف على وجوه البر معروفة بها …”، وإن لم يذكر تلك المواقف صراحة، ولا ننكر أن شجرة الدر تركت بصمة واضحة في تاريخ مصر المحروسة والتاريخ الإسلامي فبالرغم من قصر فترة حكمها إلا أنها فترة اتسمت بالزهو والانتصارات بعكس قسم التي أثبتت الدراسات أنه بالرغم من ذكائها الشديد إلا أن فترة حكمها اتسمت بالتمرد والفوضى والكثير من الانقسامات، وسواء اتفقنا أو اختلفنا على الحكم على السلطانة قسم والملكة شجرة الدر فستظل لكل منهما مكانتها التاريخية التي لن يستطيع أحد إنكارها.

بقلم :- مروه فتحى