بقلم الدكتور عبد الحكيم المغربي

احبائى فى الله كل عام وانتم بخير بمناسبة هذا الشهر الكريم، شهر رمضان المبارك الذى نعيشه الان ، ونحمد الله على انه بلغنا إياه، ونحن على مشارف العشر الاواخر وليلة القدر اللهم بلغنا هذه الليلة العظيمة ،التى هى خير من الف شهر حيث ان اعمار امتنا امة محمد صَل الله عليه وسلم بين الستين والسبعين، كما اخبرنا عليه الصلاة والسلام ، وبالرغم من قصر أعمارنا نحن نضيعها فيما لا يفيد للاسف الشديد بين لهو الحياة الدنيا، والجلوس امام التلفاز ومتابعة المسلسلات الهابطة والافلام غير الهادفة ومباريات كرة القدم .

 

فضلا عن جلوسنا بالساعات على مواقع التواصل الاجتماعى من فيس بوك وتويتر وغيرها، وتضيع أعمارنا القصيرة، وتنتهي بنا الحياة لنصل الى اخر العمر ، او ان نصل الى الآخرة فجاة، فكم منا لم يكمل الاربعين او الخمسين او زاد او اقل عن ذلك، فالموت يحضر فجاة والواحد منا معرض ان يأخذ اللقب بأى لحظة طبعاً اقصد( لقب المرحوم ) ويترك هذه الدنيا بما فيها ومن فيها، يتركها بكل ما جمعه من مال وعقار وأولاد واحفاد، ولا يأخذ غير عمله معه فان خير فخير وهنيئا له وان شر فشر ، وربنا يتولاه يومها يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم وعمل صالح ينقذه من نار جهنم ، أعاذنا الله واياكم منها ويدخله جناته جنات النعيم.

 

فإخوتي وأخواتى فى الله اقدم لكم أعمالاً ان شاء الله تطيل بأعماركم، وتبارك فيها اذا التزمنا بها وجعلناها منهجاً بحياتنا الدنيا ، التى ستمر كمر السحاب فنحن جميعاً عبارة عن مجموعة أوقات من الزمن ، ساعات وأيام وأسابيع وشهور ثم سنين تمضى وعندما تمضى تمضى أعمارنا معها ، فعلينا استغلال أوقاتنا فيما يفيد ويدر علينا الخير والحسنات، ويبارك فى أعمارنا برحمته وفضله ، لأننا سوف نتمنى يوم القيامة لحظه نعود فيها الى الدنيا كى نعمل حسنه واحدة تنفعنا وقتها ، ونعرف قيمتها آنذاك.

واليكم احبائي كيف نستثمر أوقاتنا بأعمال طيبة و بسيطة وسهلة تعود علينا بالخير ورضا الخالق وكثير من الحسنات ، التى نحن فى أمس الحاجة لها ، اولا وقبل كل شيء علينا استحضار النية خالصة لله فى كل اعمالنا ، فعندما نصل رحمنا ونسلم ونسأل عن أقاربنا وأهلينا كصلة رحم نجعلها لله ، وليس مقابل سوْال مقابل سوْال بل على العكس نسال عن من قطعنا ونصله قبل ان نسال عن من وصلنا، ونحتسب الاجر عند الله وان نحسن من خلقنا ومعاملتنا مع كافة البشر.

 

فالدين المعاملة وحسن الخلق ثوابه ثواب الصائم القائم ، وان نحسن الى جيراننا ونعاملهم معاملة حسنة، فرسولنا الكريم اوصانا كثيراً عليه كأنه سيورث كما تعلمون، ومن اسباب اطالة العمر ايضا الصلاة بجماعة بالمسجد، للرجال اقصد هنا الفرائض فكما هو معروف بالأحاديث الصحيحة ان صلاة الفرض جماعة بالمسجد بسبعة وعشرين درجة عن صلاة الفرد لحاله، وكذلك النافلة عكس ذلك تماماً بالبيت افضل من المسجد بنفس الدرجة ، حتى تعمر بيوتنا بذكر الله وتكون قدوة لأبنائك ، وعليك اخى الحبيب عند خروجك للمسجد ان تتطهر وتطيب للقاء خالقك ، خذوا زينتكم عند كل مسجد وتذهب الى المسجد، وتاخذ ثواب وأجر الحاج المحرم.

 

وعليك المحافظة على صلاة العشاء والفجر فى جماعة، فالعشاء جماعة بالمسجد يعدل قيام نصف الليل ، والفجر يعدل النصف الاخر ، فكأنك قومت الليل كله بصلاتك العشاء والفجر جماعة بالمسجد، اوكازيون لاطالة عمرك ولاتنس اخى الحبيب صلاة الضحى ركعتان تجزيء 360 صدقة فى اليوم عن أعضاء بدنك ، كذلك حضور مجالس العلم بالمساجد وغيرها من الاعمال الصالحة تطيل بعمرك ، وعندما تصوم فقط الأيام البيض الثلاثة من كل شهر هجرى 13-14-15 يسجل لك ثواب صيام سنة كاملة، اما اذا صمت يوم عرفة لو كنت غير حاج فانه يكفر ذنوب سنتين، اما صيام عاشوراء يكفر ذنوب سنة ، وعندما تنتهى من العشر الاواخر وتصوم ستة ايام من شوال يسجل لك ثواب صيام سنة كاملة، فانظر الخير كيف كثير والعمل كيف بسيط.

اما عند خروجك اخى الحبيب للصلاة يوم الجمعة مبكراً متطهراً وتجلس بالقرب من الامام وتسمع ولا تلغوا كانك عملت عمل سنة كاملة، وتاخذ اجر صيامها وقيامها بكل خطوة خطوتها الى صلاة الجمعة مبكرا قبل دخول الامام المسجد كى تقرا سورة الكهف ، وإذا ربنا أكرمك بحج او عمرة عليك بالإكثار من الصلاة بالمسجد الحرام فالصلاة به تعدل مائة الف صلاة عن غيره ، وكذلك الصلاة فى مسجد الرسول بالمدينة تعدل الف صلاة عن غيرها فضلا عن الصلاة بمسجد قباء التى تعدل اجر عمرة.

ولا تنس حبيبى فى الله ان تقول مثلما يقول المؤذن ، وتدعوا بعده فالدعاء وقتها مستجاب ان شاء الله ، وعلينا الالتزام بالعشر الاواخر آلتى نعيشها الان لنفوز بليلة القدر التى هى خير من الف شهر، يعنى قيامها افضل من ثواب العبادة لمدة 83 عاماً تقريباً ، وما نحن باحوج ما نكون بل فى أمس الحاجة للحسنات ومحو السيئات نظراً لقصر أعمارنا ، فالخير كثير وبأعمال بسيطة ، ووقت قصير فبدلا من الجلوس على النت بالساعات، اجلس دقايق اذكر ربك الذى خلقك ورزقك وأنعم عليك بنعم لا تعد ولا تحصى.

 

فقط لو قرءت سورة الإخلاص التى تعدل ثلث القراءن، او قرءت الكافرون التى تعدل ربع القراءن ، فهو بحر عظيم من الحسنات التى غفل عنها المسلمين، اجلس مع ربك خمس عشر دقايق فقط ، واستغفر لنفسك وللمومنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات تنال كل يوم مليار حسنة، حتى لو ذهبت مع صديق لك فى مشوار تساعده فيه او تقف معه اجعل نيتك خالصة لوجه الله، كى تصبح عند الله افضل من الاعتكاف شهراً كاملا بمسجد الرسول صَل الله عليه وسلم.

 

اخى واختى فى الله الخير لا يعد ولا يحصى، وكيف هو كثير بأعمال بسيطة تطيل أعمارنا ، وتبارك فى اولادنا واموالنا عندما نفعلها خالصة لوجهه الكريم، فهيا اخوانى وأخواتى فى الله ، هيا معاً نطيل أعمارنا بعمل الخيرات ونشر الحب والمودة والتعاون والسلام بيننا جميعاً دون تفرقة، كى ننعم ببركة العمر ورضا الخالق جل فى علاه ، وهذه هى اعظم الاعمال التى سوف نأخذها معنا للآخرة ، فلن ناخذ معنا اموال ولا عقارات ولا سيارات ولا قصور.

 

فأمامنا الملوك والرؤساء والاغنياء ماذا اخذوا معهم من كل هذه الثروات التى كانوا يمتلكونها بدنياهم الفانية ، لقد تَرَكُوا كل شيء ونزلوا القبور وحدهم بالتراب ، ومعهم فقط أعمالهم ، فعلينا ان نعمل لمثل هذا اليوم ونستعد له فلا ندري هل سنحضر رمضان القادم ام لا ؟هل سنعيش لغداً ام لا ؟ فاعمل لدنياك كانك تعيش أبداً اعمل واجتهد بنية خالصة لوجه الله، واعمل لآخرتك كانك تموت غداً ، هكذا المسلم الحق يعمل بالدنيا ، وعيناه وقلبه على اخرته التى هى حياته الابدية الخالدة، التى نتمنى جميعاً ان شاء الله ان تكون بجناته جنات النعيم ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .