صلاة التسابيح هي من صلوات النافلة، ويرجع تسميتها بالتسابيح لكثرة التسبيح بها، حيث تحتوي كل ركعة على 75 تسبيحة وتخالف هذه الصلاة في هيئتها بقية الصلوات المكتوبة، وقد ورد أنها صلاة مكفرة للذنوب.. مفرجة للكروب … والبعض يصليها طلبا لقضاء الحاجة أو تيسير الأمور، وقيل أنها تكفر صغائر الذنوب فقط.

صفة صلاة التسابيح :

جاء في الحديث الشريف أن النبي صل الله عليه وسلم قال للعباس ابن عبد المطلب: (يا عباس…ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل لك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته؟ أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة فقل وأنت قائم (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) خمس عشر مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقوبها عشرا.

ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا (أي بين السجدتين) ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة)، ثم قال صلى الله عليه وسلم للعباس : إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة‘ فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة)، وقال بعض العلماء أنه يجوز صلاتها انفرادا أو جماعة.

اختلاف العلماء حول صلاة التسابيح :

اختلف العلماء في حكم صلاة التسابيح فالبعض أقر بصحتها والغالبية العظمى أقرت ببطلانها وأنها بدعة ومن مستحدثات الأمور، واستندوا في ذلك على ضعف الحديث الخاص بها، وعلى الكثير من الأدلة.

أقوال العلماء في حكم صلاة التسابيح :

الامام ابن باز رحمه الله :

من أئمة المذهب الحنبلي ومن دارسي الفقه وعلم الحديث وكان رئيسا لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وكان أيضا مفتيا بها وقد قال فيها: أنه هناك من صحح الصلاة من أهل العلم وعمل بها وهناك من العلماء من أقر بضعف رواية الحديث ولم يقوم بتصحيحه، وصرح أن حديثها غير صحيح وأنها صلاة موضوعة لا أساس لها في السنة النبوية وليس لها أسانيد قوية لذا فوجب على المسلم العمل بها أو الدعوة إليها.

الشيخ (عطية صقر) رحمه الله :

وهو من كبار علماء الأزهر الشريف ولقد شغل منصب رئيس لجنة الافتاء بالأزهر الشريف وقال في حكمها :

أن الحديث الخاص بصلاة التسابيح قد رواه العديد من العلماء كابن أبي داوود وابن ماجه وابن خزيم والطبراني حتى أن بعض الكتب قد وضعت لها دعاء خاصا بها نسبة للطبراني، وقال أن الحديث له أكثر من رواية وأن الصلاة تعد من فضائل الأعمال، وأنها صلاة تطوع وأنها كانت مستحبة عند أئمة الشافعية وأنه طالما أقرها بعض الفقهاء فلا إنكار عليها، ومع ذلك أقر الشيخ بضعف الحديث وأن الامام أحمد بن حنبل لم يقرها وقال: ليس فيها شيء صحيح.

الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:

وهو من أئمة أهل السنة والجماعة وتخصص في علم الحديث، وورد عنه في أنه قال : أن حديثها فيه اختلاف كبير، وإنه إما حديث صحيح أو حديث حسن، وأنه إذا أختلف على المسلم الأمر فيفضل أن يصليها ولو مرة واحدة في العمر، ولكنه بالرغم من تأييده لصحة الحديث أكد أن لم يرد عن النبي صل الله عليه وسلم أنه صلاها ولو مرة واحدة.

ابن عثيمين رحمه الله :

قال عنها أن حديثها حديث باطل وأنه لم يصح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قام بأدائها حتى ولو مرة واحدة، وأنها إذا كان لها سند من السنة فكان أولى أن يصليها النبي، وعلى ذلك فهي باطلة، فالصلاة لا تصح ولا يجوز الدعوة لها من الأساس، وفي رده عمن يقول أنه يشعر بالارتياح بعد أدائها فقد قال أيضا : أن العبادات لا تقاس براحة النفس إليها لأنه من الممكن أن ترتاح النفس لبعض الأمور البدعية التي قد تخرج الإنسان من دينه، وأنه لا يصح أن تقاس العبادات بأذواق الناس فالشريعة واحدة والذوق السليم هو ما يوافق الشريعة واستند في ذلك إلى قوله تعالى : (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) – سورة فاطر الآية (8).

الشيخ ابو إسحاق الحويني:

قال أن الحديث صححه كثير من أهل العلم وضعفه الكثير من العلماء، ولكنه أميل إلى التضعيف منه إلى الصحة.

الشيخ صالح المغامسي:

وهو من أشهر الدعاة الإسلاميين وقد صرح أن العلماء قد اختلفوا في حكمها بناء على حكم الحديث فيها من حيث صحته أو ضعفه، ولكن أغلب العلماء قد حكموا بوضعية الحديث أي أنه حديث مكذوب كالإمام ابن جوزية، وعليه فإن الصلاة غير صحيحة.

الشيخ محمد العريفي:

وهو أحد أشهر الدعاة المعاصرين الذين ينتمون إلى أهل السنة والجماعة، وأحد الذين تتلمذوا على يد الامام ابن باز رحمة الله عليه، ولقد درس الفقه والتوحيد وأصول الدين وقال عن صحة الحديث الخاص بصلاة التسابيح : أنه حديث قد ضعفه أكثر أهل العلم، وأن هذه الصلاة تخالف في هيئتها بقية الصلوات، بل أن هناك من قال أنها تصلى بغير قراءة الفاتحة وأنها تقتصر على التسبيح فقط، وعن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج أي أنها باطلة، كما أنه لم يشتهر أن النبي أو أحد من صحابته قد صلاها وهذا أكبر دليل على عدم صحتها، وأنه من الأفضل أن يتقرب العبد إلى الله بالنوافل المعروفة كقيام الليل أو صلاة التهجد والتراويح في ليل رمضان أو صلاة الضحى بعد شروق الشمس لأن هذه النوافل التي أقرها الرسول صل الله عليه وسلم في السنة النبوية وقام بأدائها.

 

ومما لاشك فيه أن الاختلاف في ديننا رحمة كما يقول بعض العلماء لكن لا يوجد ما هو أبلغ من أقوال العلماء وهو قول رسول الله صل الله عليه وسلم في حكمه على الأمور المشتبهات أي الأمور التي تقع في حكم الشبهات فعن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : “الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كراعي يرعى حول الحمى فيوشك أن يواقعه، وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه”. (الأربعين نووية)- حديث صحيح.

 

اقرأ ايضا

حق الجار على جاره في الاسلام .. تعرف عليها

مــــروة فتحـــــي