سبب نزول آية ولا تزر وازرة وزر أخرى :{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [سورة الإسراء: 15]، يقول ابن كثير في تفسير المعنى العام للآية أن الله تعالى أراد إخبارنا أنه لا يحمل أحد ذنب أحد؟ ولا يجني جان إلا على نفسه، ولا تعذب فئة أو تدخل النار إلا بعد قيام الحجة عليها وإرسال رسول لها، وهو من عدل الله تعالى ورحمته بعباده.

سبب نزول آية ولا تزر وازرة وزر أخرى  :

يقول ابن كثير عن سبب نزول الآية {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أخرج ابن عبد البر بسند ضعيف عن عائشة قالت: سألت خديجة رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: «هم من آبائهم»، ثم سألته بعد ذلك، فقال: «اللّه أعلم بما كانوا عاملين»، ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت الآية: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقال صل الله عليه وسلم: «هم على الفطرة أو قال في الجنة» كما في اللباب

تفسير و سبب نزول آية ولا تزر وازرة وزر أخرى  :


{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ}: يخبرنا الله تعالى أن من اهتدى واتبع الحق واقتفى أثر النبوة، فإنما يحصل عاقبة ذلك الحميدة لنفسه، {وَمَنْ ضَلَّ}: أي عن الحق وزاغ عن سبيل الرشاد، فإنما يجني على نفسه، وإنما يعود وبال ذلك عليه، ثم قال: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أي لا يحمل أحد ذنب أحد؟ ولا يجني جان إلا على نفسه، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر:18]، ولا منافاة بين هذا وبين قوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت:13] وقوله: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل:25] فإن الدعاة عليهم إثم ضلالتهم في أنفسهم، وإثم آخر بسبب ما أضلوا من أضلوا، وهذا من عدل اللّه ورحمته بعباده.

وكذا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}: إخبار الله تعالى عن عدله، وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، بإرسال الرسول إليه كقوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [سورة الملك: 8-9]الآية وقال تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [سورة فاطر: 37] {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [سورة الزمر: 71-72] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن اللّه تعالى لا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسول إليه.

اقرأ ايضا

سعد بن معاذ الصحابي الجليل الذي اهتزر عرش الرحمن لوفاته

المستفاد من الآية:


أن الله تعالى حكم عدل في عباده لا يعاقب أحد على فعل الآخر، ولا يؤخذ أحد بخطيئة أحد، كما أنه لا يقضي بدخول احد النار إلا بعد أن يقيم عليه الحجة من عمل سيء أو كفر أو شرك.