حديقة اثار الهيلي هى حديقة عامة خاصة بالعائلات، وتقع فى مدينة العين بإمارة أبوظبي على الحدود مع دولة عمان وعلى الطريق المؤدى إلى مدينة دبي وبجوار مدينة ألعاب الهيلي، وتتميز بالمساحات الخضراء الخلابة المنتشرة فى جميع أنحائها، وتكثر بها الأماكن الترفيهية، وتتميز أيضا بدورات مياه للجنسين ومسجد كبير. ويوجد بها نافورات المياه ذات التصميم الهندسي البديع.

وتقع بداخل حديقة اثار الهيلي الكثير من المواقع الآثرية التى تحيط بها الأسوار للمحافظة عليها وتتزين بالإضاءة الهندسية التى تظهر جمال الآثار أثناء الليل ومن أهم هذه المواقع الآثرية ما يلى:

مستوطنة حديقة اثار الهيلي  :-

هذا الموقع الأثري الذى تم تنقيب بعض من أجزائة هو مستوطنة تم إنشاؤها من قبل مجتمع كان يؤمن بحياة ما بعد الموت كما هو واضح من المقابر الحجرية التى بنيت لتخلد موتاهم. فبينما عاش سكان الهيلي فى مبان أنشئت من الطين دفن الموتى فى مقابر جماعية.

إن شكل مستوطنات الألف الثالث قبل الميلاد والتى يمثل هذا الموقع واحد منها كانت تتميز بوجود بناية دائرية تتوسط الموقع فى أواخر ستينات القرن الماضي بكشف وردم البناية الرئيسية من أجل المحافظة عليها كما وتأكدت من وجود خندق كان يحيط بها. وفي الجزء الغربي من الموقع كانت هنالك بعض المنشآت ما تزال أطلالها واضحة إلى الان رغم تعرضها للتلف بفعل مياه الأمطار وعامل التعرية الأخرى.

مبنى هيلي:-

  هو بقايا بناية من العصر البرونزي (الألف الثالث قبل الميلاد) لم يتبق منها إلا القليل من الأسس التى كانت فى الأصل تحمل جدراناً عالية تمثل برجاً دفاعياً عالياً كان يرتفع فى الأصل إلى عدة أمتار. ولم يلاحظ الفريق المحلى الذى قام بالتنقيب فى هذا الموقع في عام 1989\1990 وجود بقايا لأرضيات الغرف مما يدل على أن الأجزاء العليا من المبنى قد أزيلت بفعل عامل الزمن وربما كذلك بفعل إعادة الإستيطان فى هذا المبنى بعد هجره بعدة قرون حين استوطنه قوم من العصر الحديدي فى الألف الأول قبل الميلاد.

كان اللبن المجفف بالشمش مادة البناء الأساسية المستعملة فى العمارة المدنية فى المنطقة فى فترة الألف الثالث قبل الميلاد بينما كانت المدافن التى ترجع إلى نفس العصر تشيد بالحجارة المنحوتة. وقد قامت إدارة الآثار السياحية المسماة حالياً إدارة البيئة التاريخية بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بترميم الموقع فى الفترة ما بين 1996 و 1997م.

مدفن هيلي الكبير في حديقة آثار الهيلي :-

فكرة الموت من المواضيع الأساسية التي شغلت حيزاً كبيراً من فكر ومعتقدات المجتمعات القديمة، لذا نجد أن الشعوب التى عاشت فى هذه المنطقة أيام العصر البرونزي وتحديداً فى الفترة ما بين 2000 و2500 قبل الميلاد. أرادت أن تخلد موتاها فبنت لهم مدافن ضخمة ذو الشكل المعماري الدائري المتقن والذى يعتبر ميزة من ميزات العمارة الجنائزية لتلك الفترة. يعتبر هذا المدفن الذى أعيد بناؤه وفق مخططه الأصلي من أضخم النصب الأثرية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، من حيث حجم الأحجار التي استعملت فى بنائه، وهو بقطر 12 متر وإرتفاع ربما كان يزيد عن 4 أمتار. تم تقسيم المدافن إلى أربعة أقسام بواسطة جدارين متقاطعين كان يعلوهما سقف مقبب على الأرجح. إن مدافن من هذا النوع كانت تضم عدداً كبيراً من الموتى كانوا يقبرون مقرفصين مع حاجاتهم عبر فترة طويلة من الزمن، إذ أن المدفن الواحد يستمر إستعماله لقرن أو أكثر.

مما يميز هذا المدفن، بالإضافة إلي حجم ودقة نحت الحجارة هو النقوش الزخرفيه والتى يزيد عمرها عن أربعة آلاف سنة وهي تمثل أواني من الفخار والحجر وأسلحة من المعدن وأدوات زينة معروضة في “متحف العين” أبوظبي.

تم تنقيب هذا المدفن من قبل بعثة الاثار الدنمركية عام 1965م وأعيد بناؤه بواسطة فريق عراقي عام 1975م.

المدفنان E وN:-

(المدفن E) يعتبر البناء الدائري نمطاً شائعاً فى فترة أم النار (2000- 2500 ق.م) وهي عادة ما تنقسم إلى غرف يتراوح عددها ما بين 4 إلى 12 غرفة ويعتمد ذلك على حجم المدفن، فكلما اتسع قطره كلما زاد عدد الجدران الداخلية الداعمة للسقف، وكان هذا المدفن يرتفع فى الأصل إلى ما بين 2-4 أمتار، وقد بنى جداره الخارجي بعناية فائقة من حجارة مشذبة لم يبق منها إلى القليل، وهو مقسم إالى نصفين كل منهما يتكون من ثلاث غرف، يتم الدخول إاليها عبر مدخل صغير.

أما (المدفنN ) يعتبر استثنائياً بالنسبة لمدفن الألف الثالث ق.م. ويؤرخ بنهاية فترة أم النار(2000-2200ق.م)، وكان هذا المدفن يبلغ عمقه متران ونصف الواقع تحت سطح الأرض.

وقد تبين من خلال التنقيب إكتشاف بقايا هياكل عظمية لأكثر من 600 شخص تعود لذكور وإناث بالغين إضافة إلى أطفال دفنوا سوياً عبر فترة تبلغ 100 عام أو أكثر بوضعية القرفصاء دون مراعاة الإتجاه، وقد زود هؤلاء الموتى بالعديد من الأواني الفخارية و الحجرية بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الخرز والأدوات النحاسية.

أن تزويد الميت بالهدايا الجنائزية هي عادة قديمة ذات أصول عميقة فى عقيدة مجتمعات عصور ما قيل التاريخ، وعادة ما تفسر هذه الظاهرة على أنها نتاج الإيمان بالحياة بعد الموت.

إن حديقة اثار الهيلي التى تحوي عدة آثار متنوعة لسكان العصور القديمة ليست الأثر الوحيد فى دولة الإمارت العربية المتحدة ولكنها تحوي العديد من الأماكن الأثرية القديمة والتى تنتشر في معظم الإمارات هذا بالإضافة إلى متحف الإمارات بمدينة العين الذى يحوي آثار متعددة ومنها علي سبيل المثال الأثار التى تدل على نمط الحياة ووسائل المعيشة والملابس التى تدل على تطورها خلال مراحل الزمن .

           كتبت: ميار العبسي