الرومنطيقية أو الرومانسية هي كلمة مشتقة من لفظ Romance باللغة اللاتينية و معناها قصة أو رواية، المفهوم اللغوي للكلمة يدل على المغامرة واقتحام المخاطر، و تجاوز الواقع المعاش.

أما بالنسبة للأدب فالرومنطيقية عبارة عن مذهب أدبي ظهر في أوروبا بعد قرن ونصف من ظهور الحركة الكلاسيكية يهتم بالنفس الانسانية وما بها من عواطف ومن أشهر المفكرين الغرب لهذا الأدب (جان جاك روسو ، فولتير، شاتو بريان).

أما في بلاد العرب فقد ظهر الأدب الرومانسي في سوريا ثم أنتقل لبلاد الشام ثم انتشر في باقي الدول العربية، وعرف بأنه أدب الثورة و العاطفة و التحرر، وكان أكثر ما يميزه هو الشعر الوجداني، ومن أبرز رواده (جبران خليل جبران، خليل مطران، إيليا أبو ماضي).

 المدرسة الرومنطيقية أو الرومانسية:

يتبع رواد هذه المدرسة فكرة أن لكل إنسان أفكاره ومعتقداته الخاصة به والمختلفة التي تميزه عن الآخرين حيث تميز أدباء المذهب الرومانسي بأدبهم الخاص و المتميز المصحوب بصبغة من المشاعر والأحاسيس التي تلهب القلوب و تدغدغ المشاعر، وتطلق العنان للخيال للإبحار في عالم واسع لا نهاية له حيث تحرر الشاعر الرومانسي من كل القيود معبرا عن مشاعره بكل قوته ولم يكتفي بتصوير ما يراه بل كان يتخطى واقعه إلى عالم آخر من صنع خياله، على عكس أدباء المدرسة الكلاسيكية الذين التزموا بكبح جماح خيالاتهم والتحفظ في التعبير عن انفعالهم بالأحداث.

 أسباب ظهور الأدب الرومنطيقي:

ظهر الأدب الرومانسي في بلاد العرب في الربع الأول من القرن العشرين وذلك لعدة أسباب أهمها :

1. البعثات العربية للدول الغربية لطلب العلم خاصة دول أوروبا.

2. هجرة الكثير من المفكرين العرب لأوروبا.

3. ازدهار حركة الترجمة الأدبية من الأدب الأوربي إلى الأدب العربي، مما أدى إلى ظهور جيل جديد من الأدباء العرب المتأثرين بالأدب الغربي شكلا و مضمونا.

4. تعارض التطور السياسي و الاجتماعي و الفكري في تلك الفترة مع قواعد الأدب الكلاسيكي الذي كان يفضل الشكل على المضمون وكان يقتصر على شعر المدح و المناسبات.

5. وجود الكثير من المعاهد و الكليات الأجنبية في الوطن العربي.

• سمات المدرسة الرومنطيقية :

1- الاهتمام بالوحدة العضوية للقصيدة متمثلة في وحدة الموضوع وترابط الأفكار، و وحدة الجو النفسي.

2- الاعتماد على الخيال بصورة أساسية و كبيرة.
3- اللغة فيها رقيقة وسلسة الفهم تبعد عن الألفاظ الخشنة و الفخمة صعبة الفهم.

4- الذاتية أو الفردية حيث تعبر القصيدة عن تجربة ذاتية شعورية بعكس الشعر الكلاسيكي الذي يهتم بشعر المناسبات.

5- عدم الرضا بالواقع ومحاولة التمرد عليه.

6- الحزن على النفس والتغني بالألم والعذاب، و الابتعاد عن حياة المدينة بكل ما تحمله من ضجيج وقلق و توتر.

7- استمد شعراء هذه المدرسة من الطبيعة الساحرة ومن جمالها الخلاب معظم موضوعاتهم.

8- الحنين إلى الشرق حيث كان الشرق يمثل لمعظم الشعراء العالم الغامض المليء بالخبايا و الأسرار.

9- الثورة على المجتمع والتحرر من قيود العقل و المنطق.

10- كان فصل الخريف بالنسبة للرومانسيين هو الفصل المفضل لديهم لما فيه من كآبة و حزن تحرك لديهم الالهام والخيال.

تأثير المدرسة الرومنطيقية على الأدب العربي :

1. كان المذهب الرومنطيقي هو الملجأ الوحيد لكثير من الشعراء والأدباء للتعبير عن تجاربهم الشخصية وما يعتمل في أنفسهم من مشاعر وأحاسيس، خاصة مشاعر الظلم والثورة على الاستعمار المخيم على معظم البلدان العربية آنذاك والتطلع نحو غد أفضل أكثر حرية.

2. الحاجة إلى التجديد في اللغة واستعمال ألفاظها فقد ظهرت الحركة الرومانسية في شكل مذهب نقدي ثائر على الشكل الكلاسيكي القديم.

3. لاقى المذهب الرومانسي قبولا واسع لدى الأدب العربي لما تميز به من وسائل سهلة وجديدة في التعبير .
وكان من أشهر رواد المدرسة الرومنطيقية في الأدب العربي الشاعران خليل مطران، و جبران خليل جبران.

• خليل مطران (1872 – 1949):

هو خليل بن عبده بن يوسف مطران شاعر القطرين كما أطلق عليه من مواليد لبنان عام 1872 م ، وتلقى تعليمه بها ثم هاجر إلى باريس فارا من الحرب وتبعاتها، وفي فرنسا درس الأدب الغربي وتأثر به كثيرا ثم أنتقل إلى مصر، و عمل محررا بجريدة الأهرام لعدة سنوات ثم أنشأ(المجلة المصرية) ومن بعدها جريدة الجوانب المصرية التي قام من خلالها بمناصرة مصطفى باشا كامل في حركته الوطنية ومقاومته للاستعمار.

– أول من دعا إلى السمات الرومانسية في الشعر العربي ويعتبر من رواد المذهب الرومانسي، بالرغم من عدم اعلانه عنه في البداية خوفا من مواجهة شعراء المذهب الكلاسيكي.

– أكد مطران على أهمية النظر إلى القصيدة كوحدة متكاملة وهذه النقطة خصيصا خير دليل على تأثره بالشعر الفرنسي.

– كان حريصا على فصاحة الألفاظ دون استخدام الغريب منها فجاء أسلوبه سهلا و مميزا ينفذ إلى القلوب بسلاسة.
– اهتم بالشعر القصصي والتصويري الخاص بالحياة الاجتماعية والاحداث التاريخية معبرا عنه بخياله الواسع وألفاظه السهلة، وكان متميزا في هذا النوع من الشعر.

• أسباب اتجاه مطران للرومانسية:

1. نشأته في لبنان حيث الطبيعة الساحرة.
2. حسه المرهف واستعداده الفطري بالإضافة إلى موهبته الشعرية.
3. تأثره بالشعر الفرنسي أثناء تواجده بباريس.
، ومن أشهر قصائده قصيدة (المساء) ومن أبياتها :
شاك إلى البحر اضطراب خواطري فيجيبني برياحه الهوجاء
ثاو على صخر أصم و ليت لي قلبا كهذي الصخرة الصماء
ينتابها موج كموج مكارهي ويفتها كالسقم في أعضائي
والبحر خفاق الجوانب ضائق كمدا كصدري ساعة الإمساء

عاش مطران حياة أدبية حافلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث شهد العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية الهامة وتأثر بها وظهر ذلك جليا في شعره إلى أن وافته المنية في 1 من يونيو 1949 عن عمر يناهز 76 عاما و بالقاهرة بعدما اشتد عليه المرض.

• جبران خليل جبران (1883 – 1931) :

كاتب و شاعر و رسام من أدباء المهجر لبناني الجنسية ولد في بلدة بشرى بجبل لبنان في 10 أبريل 1931 ، ونشأ في أسرة فقيرة ثم هاجر مع أسرته إلى أمريكا عام 1895 ودرس الفن بها وبدأ مسيرته الأدبية منها وحصل فيما بعد على الجنسية الأمريكية، وقد كان لنشأته بأمريكا أثرا كبيرا في تشكل شخصيته الأدبية و ثورته على المجتمع الشرقي و تقاليده.

• النزعة الرومانسية في أدب جبران:

1- كان أدب جبران هو مزيج من الثقافة العربية متمثلة في جنسيته و أصوله العربية و الثقافة الغربية متمثلة في نشأته ببوسطن والعادات التي اكتسبها بها.

2- السمة المميزة لأشعاره كانت تميل إلى التشاؤم والكآبة كما هو الحال مع شعراء المدرسة الرومانسية حيث يغلب على أدبهم الحزن الشديد.

3- نادى جبران بضرورة التجديد في اللغة و التطوير من مفرداتها لكي تستطيع مواكبة متطلبات الأدب في العصر الحديث.

، ومن أشهر مؤلفاته (الأجنحة المتكسرة)، ومن أبرز أقواله :

(إن النفس الحزينة المتألمة تجد راحة بانضمامها إلى نفس أخرى تماثلها بالشعور وتشاركها بالإحساس مثلما يستأنس الغريب بالغريب في أرض بعيدة عن وطنهما .. فالقلوب التي تدنيها أوجاع الكآبة بعضها من بعض لا تفرقها بهجة الأفراح وبهرجتها).

و توفي بنيويورك في 10 أبريل 1932 عن عمر يناهز  48 عاما أثر إصابته بتليف في الكبد وسل، وتم دفنه بصومعته بلبنان كما تمنى والتي تحولت فيما بعد إلى متحف جبران.

اقرأ ايضا

افضل شعراء السعودية في العصر الحديث

الشاعر رشيد الزلامي وافضل قصائده

 

مــــروة فتحـــــي