اللي يدري يدري واللي ما يدري يقول كف عدس هو مثل عراقي الأصل تداوله العرب في جميع البلدان العربية بأكثر من طريقة فمنهم من يقول ” اللي يدري يدري واللي ما يدري كضبة عدس ” ومنهم من يقول ” اللي يدري يدري واللي ما يدري كمشة عدس ” ومنهم من يقول ” اللي ميعرفش يقول عدس ” وجميعها تعني نفس المعنى بأن هناك خدعة تنطلي على أحدهم تجعله يصدر رأيًا دون أن يعرف حقيقة الأمر لمجرد مشاهدته جزءً من هذه الحقيقة.

اللي يدري يدري واللي ما يدري يقول كف عدس:


كانت هناك فتاة جميلة وغنية فأحبها شاب من أهل القرية لكنه كان أقل منها مالًا فلما تقدم لخطبتها رفض أبوها لأنه ليس بغني مثله، وعلى الرغم من ذلك أحبته الفتاة وكالنت تواعده خلسة بعيدًا عن أنظار أبيها في أحد حقول العدس التي يمتلكونها، وفي أحد الأيام رآها أبوها وهي مع الشاب في حقل العدس، فأسرع متوجهًا نحوهما فما كان من الشاب إلا أن أمسك بقبضة من العدس وأخذ يجري في اتجاه السوق.

وما أن رآه عامة الناس حتى ظلوا يعاتبون الرجل على هذه المطاردة من أجل كف عدس، فتوقف الرجل عن ملاحقة الفتى وظل يخبط كف على كف ويقول” اللي يدري يدري واللي ما يدري يقول كف عدس” أي كل واحد منا يعني هو والشاب يعلم لماذا ألاحقه، أما الذي لا يدري ويعني عامة الناس يقول كف عدس، وبعدها صار المثل متداولًا على كل شيء يكون ظاهره خداع بعكس محتواه فالظاهر يحكي شيء والمحتوى يحكي آخر بعيد ًا عنه.

اقرأ ايضا

افضل الامثال الشعبية العالمية

الحكمة من مثل اللي يدري يدري واللي ما يدري يقول كف عدس :

لا تصدر أحكامًا أو آراء حول أي موضوع إلا بعد دراسته دراسة جيدة ومعرفة كل شيء حوله حتى يصبح حكمك أو رأيك عن هذا الموضوع حكم صائب وعادل فهؤلاء الناس حكموا على الرجل بأنه بخيل وشرير يطارد الفتى من أجل حفنة عدس من أرضه والتي لا تساوي شيئًا أمام المحصول الذي يجنيه منها، ولم يعلموا أن هذا الرجل كان يطارد الفتى من أجل الدفاع عن شرفه وعرضه فهو يواعد ابنته بعيدًا وخلسة وهذه ليست من شيم المروءة فاختلط على الناس الأمر.

وأصبح الرجل مخطئ على الرغم من أنه في الحقيقة يدافع عن ابنته وأصبح الفتى على الحق على رغم من أنه مسيء للرجل ولابنته، وكل هذا لأنهم لا يدرون اكتفوا فقط بما شاهدوه من ملاحقة الرجل للفتى، ولم يعلموا السبب الحقيقي وراء ذلك.

والله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يأمرنا أن نتبين الحقائق قبل إصدار الأحكام في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6]، فالبينة التي أمرنا الله بها سببًا حتى لا نصيب الناس بأحكام وآراء عن جهل تجعلنا مخطئين في حقهم مما يرجع علينا الندم والحسرة في الدنيا والآخرة.