مراحل تأسيس الدولة الفاطمية … الدولة الفاطمية هي واحدة من دول الخلافة الإسلامية، يرجع نسبها إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق من سلالة الرسول (صلى الله عليه و سلم)، و ذلك عبر كل من إبنته فاطمة الزهراء، و علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين. وتختلف الدولة الفاطمية عن جميع دول الخلافة الإسلامية، حيث ان مراحل تأسيس الدولة الفاطمية بدأت على المذهب الشيعي واتخذته مذهبا رسميا. وقد نشأت في شمال أفريقيا ثم امتدت إلى مصر، والحجاز والشام، نستعرض فيما يلي نشأتها و امتدادها، ونقاط القوة والضعف فيها هي الان لنتعرف على مراحل تأسيس الدولة الفاطمية .

مراحل تأسيس الدولة الفاطمية

أولا – في تونس (إفريقية)

كانت شمال أفريقيا نقطة انطلاق قوية للدولة الفاطمية لبعدها عن مقر الخلافة العباسية. فقد تركز المذهب الاسماعيلي منذ نشأته الأولى في المشرق في الكوفة. وسرعان ما اضطر الشيعة إلى الذهاب غربا بعد ملاحقة العباسيين لهم. استقروا في تونس ونجحوا في إصلاح النظام السياسي الذي كان منهارا بعد سقوط دولة الأغالبة.ثم قاموا بتأسيس مدينة الفاطمية عام 300 هجرية (912 ميلادية)، واتخذوها عاصمة لدولتهم الوليدة. وفي عام 336 هجرية (948 ميلادية)، تم نقل مركز الحكم إلى مدينة المنصورية. وسرعان ما توسعت الدولة وشملت طرابلس الغرب، إفريقية، الزاب، والمغرب الأقصى (مراكش).

ثانيا – في مصر

تم إرسال عدة حملات عسكرية للاستيلاء على مصر، فشل بعضها، ونجح بعضها في الاستيلاء على بعض المناطق، لكن الجيوش الإخشيدية كانت ترغمهم على الانسحاب في كل مرة، إلى أن نجح جوهر الصقلي في دخول مصر. تم تأسيس مدينة القاهرة كعاصمة للفاطميين في عام 358 هجرية (969 ميلادية)، وصارت مصر هي المركز السياسي والثقافي والروحي للخلافة الفاطمية.

ثالثا – بلاد الحجاز والشام

بعد أربع سنوات من فتح مصر، بدأ جوهر الصقلي تنفيذ الخطة الفاطمية التي من أجلها فتحت مصر وهى توسيع الدولة الفاطمية من جهة  الشرق، ونجح بالفعل في فتح الحجاز بعد هزيمة أشرافها، و وصل إلى حلب حيث سمح له الحمدانيون الشيعة بنوع من السيادة على إمارتهم في حلب، وتمكن بعد ذلك من احتلال دمشق، وبذلك دانت لهم الشام في عام 363 هجرية (973 ميلادية). وهكذا امتدت الدولة الفاطمية من المغرب إلى حدود العراق، وأصبحت تضم كل من شمال أفريقيا، مصر، الحجاز، فلسطين، صقلية، الشام.

أهم نقاط القوة في الدولة الفاطمية

يعتبر العصر الفاطمي امتدادا للعصر الذهبي الإسلامي، فقد تميز بالعديد من نقاط القوة :

1 – اهتم الفاطميون في المغرب بالتنظيم والإدارة، ونشر العدل، وإرساء قواعد النظام.

2 – نجح الفاطميون في مصر في تأسيس حكم قوي، يستند على قواعد ثابتة من العلم و المعرفة. فقد تم تأسيس واحدة من أكبر الجامعات وهي جامعة دار الحكمة، والتي تم تزويدها بخزائن الكتب الجليلة والنادرة، وإقامة الجامع الأزهر الشريف، كمركز هام لتعليم أصول اللغة و الدين. و تم تعظيم دور العلماء وتشجيعهم على التفرغ للعلم، كما تم استدعاء بعض كبار العلماء من الخارج. وقد ازدهرت الحركة الفكرية المصرية في عهد الفاطميين، خاصة الكتابات النثرية. وبرع عدة أئمة في البيان من أشهرهم، أبو الفتوح الدمياطي شيخ القاضي الفاضل.

3 – تميز نظام الدولة عموما بالابتكار والتجديد في قواعد الحكم والإدارة، وفي تنظيم الأصول والخطط الدستورية.

4 – تم تأسيس ديوان الإنشاء الذي تولى مسئوليات ومهام دقيقة وخطيرة.

5 – تميز الفاطميون بالمرونة في التعامل مع أهل السنة و الجماعة، فقد سمحوا لهم بمذاهبهم المختلفة، بممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة، وذلك من أجل استمالتهم.

6 – تم استحداث عدة وظائف دينية هامة في الدولة من أهمها: قاضي القضاة، و المتون الشرعية. فكان قاضي القضاة يمثل أعظم زعيم ديني في البلاد، ويتولى جميع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والمساجد والحدود. أما المتون الشرعية فشملت متون الفقه الشيعي، في العبادات والمعاملاتوالحدود.

7 – ظهر العديد من الفلاسفة ومن أبرزهم أحمد حميد الدين الكرماني، في العراق، وهو فيلسوف الدعوة، وقام بتأليف عدة كتب شهيرة مثل راحة العقل، والمصابيح، والأقوال الذهبية.

8 – إنشاء كثير من دور الكتب الكبرى، التي زخرت بمصادر العلوم المختلفة، و أمهات الكتب.

9 – استحداث منصب داعي الدعاة، للإشراف على نشر الدعوة.

10 – الاهتمام بالمناسبات الدينية واعتبارها الأعياد الرسمية للدولة، مثل رأس السنة الهجرية، والمولد النبوي الشريف، وعيد الفطر، و عيد الأضحى….الخ.

مراحل تأسيس الدولة الفاطمية

مراحل تأسيس الدولة الفاطمية

نقاط الضعف التي أدت الى سقوط الدولة الفاطمية

رغم المزايا العديدة التي حققها الحكم الفاطمي وبعد ان تعرفنا على مراحل تأسيس الدولة الفاطمية ،  فقد بدأت الدولة الفاطمية في الانهيار تدريجيا خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر، نتيجة لعدة أسباب من أهمها:

1 – كان نظام الحكم مطلقا،  يقوم على الإمامة الدينية، ويستأثر فيه الخليفة بجميع السلطات.

2 – في المراحل الأخيرة من الحكم الفاطمي تولى الوزراء سلطة اختيار الخلفاء، وقد أساءوا الاختيار، وتولى الحكم عدد من الخلفاء صغر السن قليلي الخبرة أو ضعاف الشخصية.

3 – أهمل الوزراء شئون الدولة، واهتموا بمصالحهم الشخصية.

4 – لم تعد قصور الخلفاء تهتم بالكتاب والعلماء كما فعلت قصور بغداد.

5 – الاختلافات والصراعات بين الوزراء، ورجال القصر، وولاة الأمصار، وقادة الجيوش.

6 – انتشار الفتن و المؤامرات نتيجة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى، وإسناد مناصب هامة لهم مثل مناصب المستشارين، والوزراء، والأطباء، ورجال السياسة، وجباة الضرائب.

وهكذا بدأ العد التنازلي للدولة، وزادت الأمور سوءا بتفشي الأوبئة والمجاعات، ثم كانت الخاتمة بوفاة آخر الخلفاء الفاطميين، واستقلال صلاح الدين الأيوبي بمصر في عام 567 هجرية ( 1172 ميلادية).